الهلالية تصدع بالحق: لا للتدخل الإماراتي… نعم لكرامة السودان

الهلالية تصدع بالحق: لا للتدخل الإماراتي… نعم لكرامة السودان
بقلم : مهند النويري
في مشهد يعيد إلى الأذهان نبض الثورة السودانية وكرامة الشعوب التي لا تُشترى، خرجت جماهير مدينة الهلالية، صباح اليوم، في مسيرة سلمية حاشدة، تندد بالتدخل الإماراتي السافر في الشأن السوداني، وتُدين بعبارات واضحة لا تقبل التأويل، الدعم السياسي والعسكري الذي تقدّمه دولة الإمارات لمليشيا الدعم السريع، تلك المليشيا التي ارتكبت ولا تزال ترتكب جرائم مروعة بحق المدنيين الأبرياء في كل شبر من أرض السودان.
الهلالية، التي دفعت ثمناً غالياً من أرواح أبنائها في وجه بطش الجنجويد، لم تخرج اليوم مطالبة بخبز أو وقود، بل خرجت دفاعًا عن الكرامة الوطنية، وعن سيادة البلاد، وعن دماء الشهداء الذين لم تجف بعد. حمل المتظاهرون لافتات تُحمّل الإمارات مسؤولية إشعال فتيل الحرب، وتُذكر المجتمع الدولي بأن الخراب الذي يحل في دارفور، وكردفان، والخرطوم، سببه دعم أبوظبي غير المشروط لمليشيا خارجة عن القانون.
هذه المسيرة لم تكن فقط صرخة ضد الخارج، بل كانت أيضًا رسالة وفاء للجيش السوداني، الجهة النظامية الوحيدة التي لا تزال تقاتل دفاعًا عن وحدة السودان وتماسكه، رغم الصعوبات والتحديات. فالجماهير في الهلالية أكدت عبر هتافاتها ومواقفها، أنها مع المؤسسة العسكرية في معركتها الوطنية، ضد من يريد تفتيت البلاد وتحويلها إلى مساحات من الخراب والفوضى.
إنّ ما حدث اليوم في الهلالية لا يمكن فصله عن مزاج عام بدأ يتشكل في مختلف مدن السودان، رافضًا للاحتلال غير المباشر الذي تمارسه قوى إقليمية عبر وكلاء الحرب والدمار. لقد سقط القناع عن الدور الإماراتي، وبات الشارع السوداني يُحمّله المسؤولية المباشرة عن تمويل وتهريب السلاح والمسيّرات، ودعم آلة القتل التي دمرت الخرطوم وشرّدت الملايين.
مسيرة الهلالية ليست مجرد حدث محلي، بل مؤشر على أن السودان، رغم الجراح العميقة، لم يفقد بوصلته الأخلاقية والوطنية. وأن المدن التي احترقت بالأمس، ستعود غدًا لتكتب تاريخًا جديدًا، لا تصنعه البنادق المستوردة، بل تصنعه إرادة شعب يُدرك من يقف معه ومن يطعنه في ظهره.
لا للإمارات، لا للوصاية، نعم للسودان حرًا موحدًا.