بروفيسور بكري موسي عبد الكريم يكتب :بروفيسور قرشي محمد علي :مدافع مدى الحياة عن الابتكار في التعليم العالي(2-2)

*نواصل في هذه الحلقة الحديث عن ماتناولناه في الحلقة السابقة عن سيرة ومسيرة بروفيسور قرشي محمد علي ورحلته الأكاديمية والعلمية وجوانب من حياته*
واصل بروفيسور قرشي مسيرته الأكاديمية مغتربا لفترة قصيرة بجامعة الملك فيصل، ثم التحق بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان من سنة 1989 إلى 1994. وكنت قد سبقته إليها بعام واحد، واستقبلته في مطار السيب الدولي، وكنت جاره في السكن لمدة عامين. في سلطنة عمان، سعدت كثيرًا بصحبة قرشي وتعلمت منه الكثير. ومن اهم ما تعلمت منه أن أعمل أي شيء عندما أتذكره، وألا أحرص على حضور “اللمّة” او التجمع الذي يمكن أن يكتمل بغير وجودي. التزمت بهاتين الحكمتين منذ ذلك الوقت، ودائما اشكره عليهما.
وفي مساكن جامعة السلطان قابوس جمعتنا حلقة التلاوة والولائم الكثيرة التي كان يتسابق الأساتذة السودانيون للدعوة إليها، وتتنافس نساؤهم في عرض فنون الطبخ القادمة من شتى أقاليم السودان. ومن منا ينسى عصيدة الدامرقة , بملاح التقلية التي كانت تبدع فيها الحاجة مكة، حرم الدكتور زيدان حسن زيدان، القادمة من الفاشر الصامدة الآن في وجه الغزاة الجنجويد. لقد كانت بحق تلك أيامًا نضرة. فرحم الله من قضى نحبه من تلك الثلة الخيرة، وأمد في اعمار من بقي منهم على قيد الحياة.
أذكر أن البروفيسور فيلب هاريس، والذي كان عميدًا لكلية الطب بجامعة السلطان قابوس، جاءني صباح يوم مطير في مكتبي، وكعادة الإنجليز، مد لي يده بالسلام وقدم لي نفسه، وقبل أن أرد عليه، سألني: “صحيح أنك كنت تعمل بجامعة الجزيرة وأنك تعرف د. قرشي؟” أجبت نعم، حق المعرفة. فقال لي: “ساعدني في إقناعه للالتحاق بنا في هذه الجامعة. قل له إن هذه جامعة واعدة، والبلد أهلها طيبون. أليس كذلك؟” ثم خرج منطلقًا في حال سبيله دون أن يسمع ردي. ولو فعل، لقلت له إنك لو زرت السودان لاكتشفت ان العمانيين أكثر أهل الخليج شبهًا بالسودانيين، وكنت متأكدا أن قرشي سيحب. عُمان، وقد صدق ظني، إذ انها طابت له وما زال تربطه ببعض اهلها وشائج صداقة وعلاقات أسرية متجذرة. وبسؤالي قرشي عن سبب إصرار الخواجة على التحاقه بجامعة السلطان قابوس، أوضح لي بتواضعه الجم أنه وأربعة علماء آخرين كانوا يتعاونون كفريق علمي في بحثٍ بقيادة ذلك الخواجة!
وفي السودان شغل بروفيسور قرشي أيضًا عمادة كلية الطب بجامعة أم درمان الإسلامية، وأصبح وكيلًا لوزارة الصحة الاتحادية بين أعوام 1996-1998، ثم مديرًا لجامعة الزعيم الأزهري في 1998. وأينما حل كانت تنتظره التحديات، وكان يوجهها بالصبر، والإصرار، والعزيمة، والإنجاز. وخلال هذه الفترة لم أكن لصيقًا به كما كان عهدنا وذلك لأني كنت قد انتقلت للعمل بدولة الامارات
ولسعادتي وصلني قرشي يوما في الشارقة، ولكن على غير عادته كان مغاضبًا بعد أن استقال من منصبه كوكيل لوزارة الصحة. فحكى لي بعضًا مما واجهه من عنت البيروقراطية والمحسوبية وشتى مظاهر التخلف الديواني التي واجهته من تلقاء من كان يتعامل معهم في الوزارات ذات الصلة أو في القصر. وفي هذه المرة لم يكن في وسعه عمل شيء، وثقل الحمل على النمل، واستعصت أمامه الطريق، فلم يكن أمامه خيار سوى أن يرد لهم أمانتهم وينجو بنفسه من الكيد والمكر و”حفر الباطن” الذي لا يفيد ولا يغني. وكانت تلك من المرات النادرة التي أراه فيها يضع السلاح ويدور إلى الخلف. مكث معي أسبوعين في الشارقة كانت من أمتع الأيام، استرجعنا فيها الكثير من الذكريات واستمتعنا بأطباق الكسرة بشتى أنواع المفروكات، ولا سيما ملاح الويكاب الذي يحبه هو وأتناوله أنا معه مجاملة. فهو رجل ليس بالنهم، ولا يكثر من الأكل، وما سمعته يشتهي طعامًا ليس أمامه.
ظلت الجامعة الوطنية هي المحطة التي تبلورت فيها شخصية بروفيسور قرشي القيادية، وتجلى فيها جمع فكره وتجربته الأكاديمية منذ إنشائها كفكرة متواضعة، حتى صارت صرحًا تعليميًا مرموقًا. أنا شخصيًا، بدت لي فكرة الجامعة كقفزة في الظلام، أو كدكان في الحي يفتتحه موظف متقاعد يقضي أمامه وقت فراغه. ثم جاء التحدي الحقيقي، وهو كيفية تأمين التمويل، واستقطاب الكوادر، واجتذاب الطلاب، وضمان الاعتراف الأكاديمي بخريجي الكلية الجديدة. فاقترحت عليه، لفرط سذاجتي وجهلي بالصنعة، أن يجعل رسوم الدراسة أقل ما يمكن ليرغب الطلاب في التسجيل. لكنه، وقد بدا لي واثقًا من حساباته، أقنعني بأن الرسوم إذا كانت أقل من الكليات الخاصة القائمة حينئذ، لن تجذب الكثير من الذين يقيمون الكليات بالرسوم التي يدفعونها. فما زال الوقت مبكرًا لتصنيف تلك الكليات بمعيار الجودة. تذكرت تجربته في إنشاء كليات الطب في السودان وخارجه، حيث ساعد في تأسيس ثلاث كليات طبية ناجحة في السودان، وأشرف على تطوير أربع كليات أخرى. فلماذا لا ينجح في إنشاء كليته هو؟
استصحب قرشي فكرة النفير في الجزيرة، فاستوعبت الجامعة كل من استطاع أن يلبي النداء من أكاديميين وإداريين وفنيين وعمال من زملائه في الدراسة والعمل وطلابه في شتى الجامعات التي عمل بها. كان معيار الاختيار عنده الخبرة والاستعداد للعطاء، ومع ذلك كان لا يخفي تحيزه لمعارفه وأهله، ويعتقد أن من ليس فيه خير لأهله ليس فيه خير للبعيد. ولقد بادله الوفاء معظم أولئك الناس، وعملوا للجامعة بصدق. كانوا لا يتضجرون إذا تأخرت الرواتب أو طالت ساعات العمل. كان كل واحد يعمل في مجاله وهو يحس بأن الجامعة ملك له، وأنه جزء منها.
وكان من التحديات الكبرى في مسيرة الجامعة تأخر موافقة وزارة الصحة الولائية على افتتاح مستشفى الراقي التعليمي. كان الأمر مصدر قلق وإحباط لكل فرد في الجامعة إلا قرشي. فبينما كان الجميع يتحسرون على ما أنفقت الجامعة في بناء وتأسيس المستشفى ذا الثماني طوابق، كان الشغل الشاغل لبروفيسور قرشي هو البحث عن الحلول. كان يفكر بمنطق النمل (مذكر نملة) الذي يحمل على ظهره حبة قمح تفوق حجمه، وكلما تسقط عنه يرفعها ويواصل مسيرته. حتى إذا اعترضه عارض، تجاوزه سيره بإصرار وعزيمة. كان بروفيسور قرشي كذلك، حتى حصل على موافقة من ولاية الجزيرة لتشييد مستشفى في تخوم الولاية. وفي غضون شهور قليلة بدأ تشييد مستشفى تعليمي بديل في منطقة الباقير.
ومنذ تأسيسها، استمر أولياء الأمور يتدافعون لإلحاق أبنائهم وبناتهم بالجامعة الوطنية لأن رئيسها هو بروفيسور قرشي، وكان هو يتعامل معهم كما يتعامل صاحب دكان القرية مع زبائنه. كان يعرف الكثير من أولياء الأمور: يعرف منهم المغترب والتاجر والموظف، وأين يعمل، وما هي مقدرته المالية. ولذا ما كان بمقدور طالب أو طالبة أن يدعي أن والده قد تأخر في تحويل الرسوم الدراسية. فالطالب كان على يقين بأن قرشي سيتصل بالوالد ويفضح القصة المنحولة. وكنا نحضر في مكتبه كثيرًا من المواقف التي يأتي فيها ولي الأمر ملتمسًا تأجيل الرسوم الدراسية، ولكن غالبًا لا يظفر أحد إلا ببعض المرونة في التقسيط. وشهدنا في ذلك كثيرًا من الطرائف والمفارقات. كان بروفيسور قرشي قد وصل إلى حقيقة مفادها أنه لا يتلكأ في تسديد الرسوم إلا القادرون على دفعها. ولا أنسى أحد كبار مربي المواشي الذي طلب تأجيل رسوم ابنه لأنه كان يمر بأزمة سيولة بسبب ارتفاع أسعار العلف!
وظل مكتب قرشي مجالًا مفتوحًا، ليس به حجاب ولا حاجب. كنا جميعًا نجلس، وتدور علينا فناجين القهوة والشاي والفطور. معظم الوقت نتناول الفول والطعمية واحينا يسعدنا الحظ بعمود متعدد الطوابق يذخر بكل ما لذ وطاب فنأكل ونقيم الصلاة ونتكلم ونتعلم. كان وما زال مكتب قرشي هو مكتبنا جميعًا، وصينية الشاي هي دفتر الحضور اليومي. من لم يشرب الشاي معنا فهو غائب عن الجامعة ذلك اليوم حتى يثبت العكس. لا أدري كيف تفتقت ذهنية بروفيسور قرشي عما أسماه “سياسة الباب المفتوح”! وعندما زارتنا لجنة لاعتماد من مجلس التعليم الطبي البريطاني، أشفق بعضنا من أن هؤلاء الإنجليز المنظمين شكلاً وموضوعًا قد يصنفون هذه السياسة نوعًا من الفوضى والعشوائية. لكننا ذهلنا عندما أشادت اللجنة، وكنت أتمنى ألا تفعل، بسياسة الانفتاح هذه كنمط متقدم من الحوكمة الديمقراطية والشفافية، وغير ذلك من مصطلحات الإشادة.
تجلت حكمة بروفيسور قرشي في القيادة الأكاديمية بعد الحرب التي أشعلتها مليشيا الدعم السريع في أبريل 2023، حيث كانت الجامعة ومستشفيي الراقي من اوائل المرافق التي تمت استباحتها وتعطلت الدراسة كما حدث في جميع مراحل التعليم في البلاد. ومع ذلك، واصلت الجامعة التعليم الإلكتروني بفضل رؤية بروفيسور قرشي بعيد النظر. فقد بدأت الجامعة في إدخال التعليم الإلكتروني منذ عام 2017، وأنشأت منصة مخصصة لذلك على موقعها الإلكتروني. كما تم تدريب عدد كبير من الأساتذة والفنيين والطلاب على استخدام هذه التقنية. بالإضافة إلى ذلك، حضر بروفيسور قرشي عدة حلقات وورش عمل دولية، وشارك في تقديم عروض في مؤتمرات متعلقة بالتعليم الإلكتروني، مما جعله مرجعًا في هذا المجال. كما قامت الجامعة ببناء مكتبة رقمية تحتوي على آلاف المراجع، مما مكن الطلاب من مواصلة دراستهم في أي وقت. فتأمل بالله في هذه الخطة الاستباقية الملهمة التي أبرزت بوضوح بعد نظر بروفيسور قرشي وحكمته في التحسب للتحديات!
وعلى الرغم من كثرة معاونيه من ذوي التخصصات المختلفة، فإن بروفيسور قرشي لا يترك أي شأن من شؤون الجامعة دون أن يتحقق منه بنفسه. فهو يولي اهتمامًا كبيرًا لكفاءة الإدارة والتشغيل، ويحرص على التواجد الشخصي في العديد من الأمور. يتابع الترتيبات الأمنية وإجراءات السلامة لحماية الطلاب والعاملين، ويتأكد من تشغيل كاميرات المراقبة وسلامة المصاعد. كما يقوم بجولة يومية حول أسوار الجامعة كل صباح للتأكد من سلامتها ومن عدم تعرضها لأي محاولة تسلل خلال الليل. يزور المستشفى ليطمئن على راحة المرضى، رغم وجود إدارة مستقلة للمستشفى. كما يتفقد الكافتيريا للتأكد من الالتزام بمعايير الجودة في كل شيء حتى غذاء الطلاب، والميادين الخضراء، وأجهزة التكييف، والمولدات الكهربائية والصرف الصحي، ومياه الشرب، والنظافة والصيانة، فضلاً عن تفاصيل القاعات الدراسية.
اما الالتزام بالمواعيد فهي من أساسيات عمله كرئيس للجامعة، فالمحاضرات والامتحانات والاجتماعات تتم وفق جداول دقيقة لا تقبل التأخير. كما عمل على إدخال الجامعة في برامج الاعتماد الدولية مثل الأيزو والتعليم البريطاني، وساهم في تعزيز البحث العلمي كركيزة أساسية في العملية الأكاديمية.
ويتميز بروفيسور قرشي بالحزم الأكاديمي، خاصة فيما يتعلق بالجودة. كان يقول دائمًا إن المهمة الأساسية للجامعة هي حماية المجتمع من الخريج الفاشل، سواء كان طبيبًا أو سفيرًا. ويعتبر الانضباط في السلوك والوقت والأمانة هي أساس النجاح الحقيقي، ولذلك كان يولي الأمانة العلمية والمواظبة على المحاضرات أهمية كبيرة. ورغم انشغاله بالبحث العلمي، وجد الوقت لحفظ القرآن. فهو لا ينام بعد صلاة الفجر. يبدو أن هذا الالتزام ساعده في استغلال يومه بأفضل طريقة ممكنة، مما يعكس أهمية بركة الوقت بعد الفجر والانضباط في تحقيق الإنجازات.
حقيقة إن قصة البروفيسور قرشي محمد علي ليست مجرد سيرة أكاديمية، بل هي شهادة على رحلة علمية امتدت لأكثر من خمسة عقود، حمل خلالها شعلة المعرفة والتنمية، وأسهم في بناء أجيال من الأطباء والعلماء. ورغم بلوغه العقد السابع، لا يزال حاضرًا في المشهد العلمي، يدرّس، ويبحث، ويكتب، واضعًا بصمته في مسيرة الطب والتعليم، تاركًا إرثًا علميًا وإنسانيًا سيظل منارةً للأجيال القادمة.
ولم يقتصر نشاط بروفيسور قرشي العلمي على العلوم الطبية فقط، بل تعداه إلى الكتابة الأدبية والثقافية والتحليل السياسي. وقد أوصله اهتمامه بالكتابة خارج إطار الطب إلى أنه كان ينشر تلخيصًا لكتاب قرأه كل أسبوع في صحيفة “التيار”، ونشر كتابين هما “على أكتافهم” و” اعتدلوا”. بل بلغ به شغفه الثقافي أن أنشأ في عام 2024 دارًا للنشر في الشارقة أسماها “دار قرشي”.
ومن أهم مساهمات بروفيسور قرشي الأدبية والثقافية كتابه “على أكتافهم”، وهو سيرة ذاتية تأخذ القارئ في رحلة عبر مراحل حياته منذ نشأته في منطقة الحلاوين بالجزيرة، وحتى مسيرته الأكاديمية والمهنية البارزة. في الكتاب، يسرد بروفيسور قرشي تجربته في المناصب الإدارية التي تقلدها، ويتطرق إلى التحديات التي واجهها في محاولته إصلاح التعليم الطبي، ودوره في استمرار الدراسة في الجامعات التي عمل بها رغم الأزمات المالية والاحتجاجات الطلابية والاضطرابات السياسية، ورؤيته لمستقبل الخدمات الصحية والتعليم العالي في السودان. فالكتاب يستحق القراءة لأنه يجمع بين السيرة الذاتية والتاريخ الاجتماعي بأسلوب تأملي وسرد سلس، يمزج الذكريات بالملاحظات الفكرية والنقد الاجتماعي. ويتميز بلغة عربية فصيحة وتنسيق منظم يسهل تتبع تطور الأحداث. كما أنه يمد القارئ بمعلومات تتجاوز السيرة الذاتية لتشمل قضايا التعليم والصحة والسياسة، فضلاً عن أنه يعتمد على الاسترجاع الزمني والربط بين التجارب الشخصية والتاريخية، مما يمنح القراءة عمقًا فكريًا ومتعة توثيقية.
ومما شدَّ انتباهي في كتاب “على أكتافهم” تنوع الأشخاص الذين تفاعل معهم المؤلف في حياته، من العائلة والأصدقاء إلى زملاء الدراسة والعمل والشخصيات العامة، مما يعكس شبكة علاقاته المتداخلة. وتظهر تلك العلاقات مدى انفتاحه على بيئات مختلفة، حيث لا يقتصر على ذكر الأسماء، بل يبرز تأثيرهم العاطفي والفكري والمهني عليه، مما يعكس ثراء تجربته الحياتية. لقد ظل قرشي على الدوام يبني علاقاته بعيدًا عن التصنيفات الفكرية والحزبية، والقبلية، والمذهبية، والطائفية. وبالطبع لا يميز بين انثي وكر الا بما فضل الله به بعضهم على بعض في المؤهلات وبما أنفقوا من جهدهم.
أما كتابه الثاني الذي صدر في أوائل هذا العام عن “دار قرشي” بعنوان “اعتدلوا”، فهو أحدث تشريح للأحداث السياسية والاجتماعية التي شهدها السودان بعد الثورة التي اندلعت في ديسمبر 2018 وما تلاها من حرب. يقدم الكتاب، والذي جاء على نسق “على أكتافهم” في عبارات رشيقة وأسلوب أدبي رصين، رؤية شخصية حول الثورة والحرب في السودان، مشددًا على أهمية الاعتدال والوفاق. يناقش أسباب الثورة، موضحًا أنها لم تحقق تطلعاتها وأدت إلى صراعات داخلية، مع التركيز على دور الأحزاب والعسكريين والتدخلات الأجنبية، إضافة إلى تأثير التهميش، خاصة في دارفور. كما يحلل السياسات والقرارات التي فاقمت الأزمة، مثل الفساد والمحسوبية واستبعاد بعض الفئات، ويستعرض العلاقة بين الدين والدولة. ينتقد سوء الإدارة والاستقطاب الإعلامي، متسائلًا عن دور القوى الخارجية. وفي الختام، يدعو إلى الحوار والإصلاح الدستوري لتحقيق الاستقرار ومنع التدخلات الخارجية.
وبعد، فقد شهدت على بروفيسور قرشي ببعض ما علمت منه كفاحًا ومن خلال المعايشة والملاحظة. ولا أقول إنه منزه عن الأخطاء، ومن كان بلا خطيئة فليرمه بأحجار. ولا شك ان منتقدوه كثيرون، وانا اعلم انه يسعد بنقدهم لأنهم يهدون إليه أخطاءه.